المعونة الأمريكية لمصر: بين المصالح المشتركة والاستغناء المحتمل
عبد المنعم السيد – مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية
المعونة الأمريكية لمصر تُعد جزءًا من ترتيبات اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، حيث بدأت الولايات المتحدة تقديم دعم سنوي لكل من مصر وإسرائيل منذ عام 1979. وتحولت هذه المساعدات منذ عام 1982 إلى منح لا تُرد، بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل و2.1 مليار دولار لمصر، منها 1.3 مليار دولار كمعونة عسكرية و810 ملايين دولار كمعونة اقتصادية.
ومع مرور السنوات، شهدت المعونة الاقتصادية تخفيضًا تدريجيًا حتى وصلت إلى 285 مليون دولار فقط. حاليًا، يبلغ إجمالي المعونة الأمريكية لمصر حوالي 1.5 مليار دولار، تستحوذ المعونة العسكرية على النصيب الأكبر منها بنسبة 81%، أي حوالي 1.22 مليار دولار، بينما تشكل المعونة الاقتصادية 19% فقط.
المعونة كورقة ضغط أمريكية
لطالما استخدمت الولايات المتحدة المعونة كأداة ضغط سياسي على مصر، وهو ما ظهر جليًا في عام 2013 عقب ثورة 30 يونيو، حينما لوّحت واشنطن بتجميد أو قطع المعونة. كما أوقفت الولايات المتحدة في وقت سابق مساعدات بقيمة 58.7 مليون دولار للجامعة الأمريكية في القاهرة.
المصالح المتبادلة
على الرغم من أن المعونة تُعزز التعاون الثنائي بين البلدين، خاصة في المجالات العسكرية واللوجستية، إلا أن الولايات المتحدة تستفيد منها بشكل كبير. فالمعونة تُسهم في دعم الاستقرار الإقليمي والسياسي في الشرق الأوسط، كما أن مصر تلعب دورًا محوريًا في حفظ الأمن الإقليمي.
إلى جانب ذلك، تستفيد الشركات الأمريكية بصورة مباشرة من المعونة، إذ يتم توجيه جزء كبير منها إلى شراء سلع ومنتجات أمريكية، وكذلك لتمويل شراء السلاح من الشركات الأمريكية. وتشترط اتفاقية المعونة أن يكون منشأ السلع الممولة من خلالها المصانع والشركات الأمريكية، مما يُحقق للولايات المتحدة مكاسب تجارية تُقدر بأكثر من 2 مليار دولار سنويًا من مصر. كما أن هذه المعونة تُتيح للشركات الأمريكية منفذًا مهمًا لسوق الشرق الأوسط.
هل تستطيع مصر الاستغناء عن المعونة؟
بالرغم من الفوائد التي تحققها المعونة لمصر، إلا أنها ليست ضرورية لاستمرار الاقتصاد المصري. فقد واجه الاقتصاد المصري تحديات كبرى، مثل انخفاض إيرادات قناة السويس بأكثر من 4 مليارات دولار خلال عام 2024، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج بنسبة تجاوزت 50% في 2023، ومع ذلك استوعب الاقتصاد هذه الصدمات.
لذا، يمكن لمصر من خلال إعادة هيكلة اقتصادها واستغلال مواردها بكفاءة أن تستغني عن المعونة الأمريكية إذا استدعى الأمر، مع الحفاظ على استقلالية قراراتها السياسية والاقتصادية.