التأمين شريك استراتيجي في تغطية مخاطر تداول شهادات الكربون وتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر
في ظل تصاعد الجهود العالمية للحد من تغير المناخ، باتت شهادات الكربون واحدة من الأدوات الحيوية لدفع عجلة التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات. وتأتي هذه الشهادات، التي تمثل كميات من الانبعاثات التي تم تقليصها أو تعويضها، كوسيلة تحفيزية للشركات والمشروعات للاستثمار في الطاقة النظيفة والممارسات المستدامة. غير أن توسع هذا السوق ترافق مع ظهور مخاطر متعددة، سواء على مستوى إصدار الشهادات أو تداولها، ما استدعى تدخل قطاع التأمين كلاعب محوري في ضبط الإيقاع وتوفير الحماية اللازمة.
ووفقًا لتقارير دولية، من المتوقع أن يرتفع حجم سوق الكربون الطوعي من نحو 3 مليارات دولار في 2024 إلى أكثر من 31 مليار دولار بحلول 2031، مدفوعًا بارتفاع الطلب على حلول تعويض الانبعاثات. غير أن هذا النمو يصطدم بتحديات تتعلق بمخاطر التحقق، وتقلب الأسعار، والاحتيال، والتغيرات التشريعية، مما يستلزم توفير مظلة تأمينية مرنة وقادرة على احتواء هذه التهديدات.
openفي هذا السياق، تقدم شركات التأمين حلولًا متخصصة تشمل: تأمين تقلبات الأسعار، والتأمين ضد الاحتيال، وتأمين أداء المشاريع، والتأمين ضد المخاطر القانونية والتنظيمية، والتأمين ضد فقدان السمعة، وغيرها من المنتجات التي تعزز ثقة المستثمرين والمطورين في جدوى هذه الأسواق.
وتأتي مصر ضمن الدول التي قطعت شوطًا متقدمًا في هذا المسار، بإطلاق أول سوق طوعي للكربون في أفريقيا بعد قمة المناخ COP27، واعتماد الهيئة العامة للرقابة المالية مجموعة من القواعد المنظمة لتسجيل وتداول شهادات الكربون. وشهدت السوق تنفيذ أولى العمليات بنجاح، مع تسجيل أكثر من 18 ألف شهادة كربون في قاعدة البيانات.
وأكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة، خلال منتدى “أفريقيا تنمو بالتحول الأخضر”، على سعي الهيئة لتطوير منتجات تأمينية متخصصة لتقليل المخاطر المرتبطة بتداول الشهادات، واستقطاب التمويل المناخي لدعم مشروعات خفض الانبعاثات. كما تم تشكيل لجنة للإشراف على وحدات خفض الانبعاثات، وقيد جهات تحقق محلية ودولية لاعتماد مشاريع الكربون.
بدوره، لعب اتحاد شركات التأمين المصرية دورًا تثقيفيًا وتوعويًا عبر شراء شهادات كربون لتعويض انبعاثات فعالياته، وتنظيم ندوات لتشجيع الشركات على دخول السوق الطوعي. ويؤكد الاتحاد على أن تغطية مخاطر الكربون تمثل مجالًا واعدًا يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني، ويضع مصر على خريطة التمويل الأخضر العالمي.
وتدل التجارب الدولية، خاصة في أوروبا وأستراليا وكاليفورنيا، على أن دمج التأمين بأسواق الكربون يُعد عامل استقرار أساسي وجاذب لرؤوس الأموال. ومن ثم، فإن تعزيز الشراكة بين الهيئات الرقابية وشركات التأمين، والاستفادة من الممارسات العالمية، يُعد طريقًا فعالًا نحو بناء سوق كربون قوية وآمنة تدعم أهداف مصر المناخية والتنموية.
